العدو بات عاجزاً عن تدمير المشروع النووي الإيراني وحده: ما الخيارات التي أمامه؟

حضارات

مؤسسة حضارات

بعد يومين متواصلين من القصف الجوي والصاروخي المكثف على منشآت ومنشآت مرتبطة بالمشروع النووي الإيراني، بات واضحاً لدى العدو – وفق تقديرات خبرائه ومحلليه – أنه غير قادر لوحده على تحقيق الهدف الوجودي المتمثل في القضاء الكامل على القدرات النووية الإيرانية. هذا الفشل فرض عليه إعادة صياغة تصوراته المستقبلية، والتي باتت تتمحور حول مسارين اثنين:

أولاً: *زجّ الولايات المتحدة في الحرب بشكل مباشر*

يعتمد هذا المسار على جرّ الإدارة الأمريكية نحو تدخل عسكري واسع النطاق، تحت ذريعة:

     ▪️الدفاع عن حلفائها في المنطقة.

      ▪️منع الانتشار النووي.

     ▪️حفظ استقرار الإمدادات النفطية والاقتصاد العالمي.

في هذا السيناريو، تأمل “إسرائيل” أن تُسند إليها واشنطن الضربة الكبرى التي تمتلك القدرات اللوجستية والتقنية والاستخبارية لتنفيذها، خصوصًا فيما يتعلق بالمنشآت العميقة والسرّية.

لكن هذا الخيار يتطلب خلق ذريعة دولية قوية، وهو ما يُفسّر لجوء العدو إلى تصعيد إعلامي واتهامات متكررة لإيران باستهداف مدنيين، أو ارتكاب خروقات استراتيجية قد تبرر التدخل الأمريكي.

ثانياً: محالة تفكيك النظام الإيراني من الداخل

الخيار الثاني يقوم على استراتيجية بعيدة المدى، تهدف إلى محاولة إسقاط النظام القائم في طهران واستبداله بنظام جديد:

    ▪️يكون أكثر خضوعًا للغرب.

   ▪️يُعاد هندسته بما يضمن تفكيك المشروع النووي من الداخل، عبر قرارات سياسية “طوعية” من النظام البديل.

هذا السيناريو يُعيد إلى الأذهان نموذج ما بعد صدام حسين، حيث تم تفكيك المنشآت النووية والعلمية بالكامل تحت إشراف خارجي، دون الحاجة إلى قصف جوي دائم.

*الفوضى كأداة استراتيجية*

كلا الخيارين يعتمدان على مرحلة انتقالية من الفوضى العارمة داخل إيران:

  ▪️انهيار المنظومة المركزية.

  ▪️انقسام أجهزة الدولة.

 ▪️تصاعد الاحتجاجات والتوترات العرقية والطائفية.

في هذه الأثناء، تُصبح إيران مكشوفة تماماً، ويُمكن حينها استكمال “عملية التجريد النووي” بأقل كلفة مباشرة.


*تحذير استراتيجي: لا تمنحوا العدو ذريعة التدخل الأمريكي*

على الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تتنبه بشدة من أي قرار تكتيكي قد يوفّر مبرراً للتدخل الأمريكي المباشر، سواء على مستوى:

  ▪️استهداف مصالح أمريكية.

  ▪️توسيع نطاق الحرب لتشمل حلفاء واشنطن.

  ▪️أو حتى تصريحات قد تُوظّف دعائيًا في المحافل الدولية.

الإدارة الأمريكية الحالية – رغم ترددها الظاهري – تخضع لضغوط استراتيجية داخلية وخارجية، وقد تستثمر أي “ذريعة مشروعة” لتبرير تدخل عسكري واسع، خصوصًا في حال تعرضت المصالح الأمريكية لهجمات مباشرة.

*الجبهة الداخلية الصهيونية: خاصرة رخوة يجب الضغط عليها*

في المقابل، ينبغي مضاعفة الضغط على الجبهة الداخلية للكيان الصهيوني، عبر:

  ▪️تكثيف العمل الميداني النوعي في مختلف الجبهات: الشمال، المركز، الجنوب.

  ▪️التنفيذ المتكرر في ساعات النهار، لما له من تأثير نفسي مباشر على المستوطنين، وتعطيل للحياة الاقتصادية والتجارية.

  الضرب في العمق الاهداف السيادية العسكرية والامنية والعلمية والبنية التحتية، لرفع كلفة الحرب، ومنع إمكانية استدامتها.

كلما اشتدت الضغوط على الجبهة الداخلية، تراجع القرار السياسي والعسكري الصهيوني عن أي مغامرة استراتيجية إضافية.

*خلاصة*


(إسرائيل) أمام مأزق مزدوج:

لا تملك وحدها القدرة على تدمير المشروع النووي الإيراني، ولا تملك الوقت الكافي لانتظار التآكل الداخلي للنظام. وهنا، تبرز مسؤولية محور المقاومة في مراكمة الضغط الميداني والإعلامي والنفسي والسياسي على كل من العدو والإدارة الأمريكية، بما يُفشل سيناريوهاتهم ويحوّل طموحاتهم إلى عبء استراتيجي جديد.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023